تحليلات واراء
السعودية ومشكلة إنتقال الحكم من الأبناء الى الأحفاد
ماجد حاتمي
مشكلة السعودية ليست في مرض الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود، ولا في احتمال وفاته، ولا في شخص الملك الذي سيخلفه، وهو من المؤكد سيكون شقيقه ولي العهد الامير سلمان بن عبد العزيز، بل المشكلة تكمن في شخص ولي العهد الذي سيخلف الامير سلمان في منصبه.
منصب ولي العهد هو ايضا لم يكن مشكلة تذكر في نظام الحكم في السعودية، فقد كان الملك يعين وليا للعهد له من بين اشقائه في فترة لا تتجاوز الثلاثين يوما من اعتلائه العرش. الملك عبدالله، الذي يرقد حاليا في مدينة الملك عبدالله الطبية للحرس الوطني بالرياض، ليعالج من التهاب رئوي أصيب به قبل أيام، استدعى وضع أنبوب مساعد على التنفس، كان قد اختار ثلاثة من اشقائه في منصب ولي العهد كان آخرهم الامير سلمان بعد وفاة الاميرين سلطان ونايف.
المشكلة التي تواجهها السعودية اليوم هي في انتقال الحكم من ابناء الملك المؤسس للمملكة السعودية عبدالعزيز آل سعود، الى احفاده، فلم تعد تلك الآلية السلسة التي حددها الملك المؤسس في حكم البلاد من بعده عبر تولى ابنائه الحكم وفقا لاعمارهم، تجدي حاليا، وهو ما التفت اليه الملك عبدالله عندما قام باختيار شقيقه الاصغر مقرن بن عبد لعزيز ليكون وليا لولي العهد سلمان بن عبد العزيز، وهو اجراء غير مسبوق، لاغلاق الباب امام اي صراع محتمل بين ابناء واحفاد الملك المؤسس، خاصة ان هناك الكثير من الاحفاد الطامحين بالعرش هم اكبر سنا من الامير مقرن، ولتمهيد الارضية امام نجله الامير متعب لتولي منصب ولي العهد، نظرا للعلاقة المميزة التي تربط الامير مقرن بالامير متعب وكذلك بالملك عبدالله.
عملية اختيار الامير مقرن للمنصب الذي استحدثه الملك عبدالله وهو ولي لولي العهد، لم تكن سهلة، فقد عارض ثلث اعضاء هيئة البيعة، التي انشأها الملك عبدالله في أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٠٦، والمؤلفة من 35 اميرا من ابناء واحفاد الملك المؤسس. تولى الامير مقرن هذا المنصب، بينما نزل ثلثا الاعضاء عند رغبة الملك، وقد اشار أمراء من الاسرة الحاكمة وبشكل علني لهذه المعارضة، بينهم الامير خالد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود.
الملك عبدالله وادراكا منه بالمخاطر التي قد ترافق عملية انتقال الحكم من الابناء الى الاحفاد، وكذلك لمعرفته بالمخاطر التي قد تعترض طريق نجله متعب للوصول الى العرش، ومنها احتمال ان يقوض الامير سلمان في حال اصبح ملكا، كل ما بناه تحت ضغط الاحفاد الطامحين بالعرش، ومن المتذرعين باحقية الامير احمد بن عبدالعزيز لمنصب ولي العهد، اصدر بيانا ملكيا لافتا نص على أنه “لا يجوز بأي حال من الأحوال تعديل القرار أو تبديله بأي صورة كانت من أي شخص كائناً من كان، أو تسبيب، أو تأويل” ، لسد الباب امام اي صراع محتمل بين الاحفاد الطامحين.
المعروف ان هناك تكتما شديدا يلف كل ما يخص القضايا الداخلية للاسرة السعودية الحاكمة، فمن النادر جدا ان تتسرب معلومات عن وجود خلافات بين ابناء واحفاد الملك عبدالعزيز، الذين يحاولون دائما الظهور بمظهر الاسرة المتماسكة المتفاهمة، فجميعهم يعرف انهم على متن مركب واحد ومن مصلحتهم التستر على الخلافات، وهو ما نجحوا فيه لحد الان، ولكن هذه المرة قد يكون التستر على الخلافات ليس بالسهولة التي كانت عليها في السابق، بينما الحكم ينتقل من الابناء الى الاحفاد.
نقلاً عن موقع شفقنا