ابحاث ودراساتسلايدر

استجواب رئيس الجمهورية عند حلوله محل رئيس مجلس الوزراء

شؤون دستورية

حسين الحاج حمد

باحث في القانون الدستوري

نص الدستور العراقي لعام 2005 في المادة (81/أولا) على (يقوم رئيس الجمهورية مقام رئيس مجلس الوزراء عند خلو المنصب لأي سبب كان) ويتضح من النص المذكور أن الدستور قد أحل رئيس الجمهورية محل رئيس مجلس الوزراء عند خلو منصبه، وإذا كان الدستور قد أطلق سبب الحلول إلا أن ذلك – برأيي المتواضع – يقتصر على حالات الخلو المادي فقط لمنصب رئيس مجلس الوزراء كحالة الوفاة، أو المرض الذي يقعده عن ممارسة أعماله، أو الغياب الجبري عن المنصب كالخطف، أو غيرها من الحالات، من دون أن يشمل ذلك الاستقالة، حيث يبقى فيها رئيس مجلس الوزراء بمنصبه حتى بعد نفاذها.
وبغض النظر عن ذلك فقد تتحقق حالة من حالات خلو منصب رئيس مجلس الوزراء المشار إليها أعلاه، ومن ثم يقوم رئيس الجمهورية مقامه بصريح نص الدستور، والسؤال الذي يطرح هنا: هل يمكن استجواب رئيس الجمهورية إذا ما قام مقام رئيس مجلس الوزراء؟
لابد من التأكيد على أن هذا الحلول يجيز لرئيس الجمهورية ممارسة صلاحيات رئيس مجلس الوزراء، وبصريح الدستور أيضا يجوز لعضو مجلس النواب وبموافقة خمسة وعشرين نائبا توجيه استجواب إلى رئيس مجلس الوزراء لمحاسبته في الشؤون التي تدخل في اختصاصه، وبما إن رئيس الجمهورية أصبح مختصا بممارسة صلاحيات منصب رئيس مجلس الوزراء فمن الممكن – نظريا – توجيه استجواب إلى رئيس الجمهورية، إذا كان موضوعه يدخل في اختصاص رئيس مجلس الوزراء، والقول بخلاف ذلك يعطّل نصوص الدستور المتعلقة بالاستجواب، والمسؤولية السياسية للحكومة، كما إن هذا التعطيل ينتهك المبدأ القائل بتلازم السلطة والمسؤولية، في ظل وجود السلطة الممنوحة لرئيس الجمهورية.
كما إن القول بعدم خضوع رئيس الجمهورية – عند حلوله محل رئيس مجلس الوزراء – للاستجواب وعدم مسؤوليته، أمر يتعارض مع الدستور العراقي الذي أقام مسؤولية الحكومة عن تصرفاتها أمام مجلس النواب.
إلا أن هذا الخضوع يمكن القول أنه يبقى من الناحية النظرية، وآية ذلك أن الاستجواب – بطبيعته الاتهامية – يرمي دائما إلى تقرير مسؤولية الحكومة أو أحد أعضائها، ومن ثم سحب الثقة منها أو منه، إلا أن هذا الأمر يصعب تحقيقه في ضوء الفرضية المتقدمة، فالواضح من الدستور العراقي أن هذا الحلول إنما يكون لمدة مؤقتة؛ لأن خلو منصب رئيس مجلس الوزراء بحكم الدستور هو بمثابة انتهاء عمل الحكومة بأكملها، بدليل أن الدستور قضى بوجوب تشكيل وزارة جديدة وفقا للإجراءات المحددة، ومن خلال استعراض هذه الإجراءات الواردة في المادة (76) من الدستور فإن الحد الأعلى للمدة التي يقضيها رئيس الجمهورية في منصب رئيس مجلس الوزراء هي (75) يوما.
وبما أن الدستور قد رتّب على خلو منصب رئيس مجلس الوزراء ضمنا نهاية عمل الحكومة، فإن الاستجواب سوف يتجرد من الأثر الذي قد يترتب عليه – وهو سحب الثقة ومن ثم الاستقالة – مادام الحلول مؤقتا، والحكومة بحكم المستقيلة، إذا ما تأكد مجلس النواب من حقيقة هذا الاستجواب وصدق الاتهام الموجه لرئيس الجمهورية.
وإذا كان استجواب رئيس الجمهورية يعد أمرا غير عملي، لتعذر سحب الثقة من الرئيس في ظل تأقيت حلوله بمنصب رئيس مجلس الوزراء، فإن ذلك لا يمنع من تحريك مسؤوليته طبقا لإحدى الحالات التي نص عليها الدستور: (الحنث في اليمين الدستورية، انتهاك الدستور، الخيانة العظمى) إذا كان تصرف الرئيس يقع تحت طائلة إحدى هذه الحالات وفقا للإجراءات الأصولية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *