من السوابق التاريخية التي شهدها واقع العلاقات بين الدول هو قيام الولايات المتحدة الأمريكية بنصب مدفعية في سفارتها في العاصمة العراقية بغداد، وقيامها بإجراء تجربة عليها في الذخيرة الحية تحت ذريعة حماية السفارة- وهي الأكبر في العالم في بلد لا يناظر الولايات المتحدة في إمكاناتها العسكرية والاقتصادية والعلمية مما يستوجب هذا الحجم من حيث طاقم الموظفين-. وحول هذا الحدث، يمكن تسجيل ملاحظات عدة لعل أبرزها:
أولاً- التوقيت:
قامت الولايات المتحدة بإجراء التجربة بالذخيرة الحية معلنة عن هذا الحدث يوم (٤تموز) والذي يصادف يوم ذكرى استقلال الولايات المتحدة وعيدها الوطني الرسمي، مما يحمل معه دلالاته الرمزية للداخل الأمريكي، فضلا عن العراقي.
ثانيا- القواعد القانونية والدبلوماسية:
بطبيعة الحال، إن ما قامت به الولايات المتحدة مخالف لقواعد القانون الدولي والاتفاقيات الدبلوماسية. حيث أن مسؤولية حماية السفارات والقنصليات والبعثات الدبلوماسية هي من مهام البلد المستقبل ، مع تمتع السفارة بحق امتلاك حرس داخلي يعمل داخل نطاق السفارة ضمن طاقمها الذي يفترض أن يحصل أفراده جميعا على موافقة الدولة المستقبلة رسميا. وفي حال استشعرت السفارة بأنها مهددة بالخطر، فإن عليها أن تشعر الدولة المستقبلة بذلك كي تتولى توفير الحماية اللازمة لها. أما في حال عدم قناعتها بـ، واطمئنانها لإجراءات الدولة المستقبلة، أو وجود فوضى أمنية في البلاد لا تتمكن الدولة من خلالها من توفير الحماية اللازمة، فإن من حق الدولة المرسلة أن تسحب طاقمها الدبلوماسي والإداري، أو أن تخفض أعداد العاملين بالسفارة.
وما قامت به سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في بغداد، وأعلنت عنه في ٤ تموز ٢٠٢٠ يعد مخالفة صريحة للاتفاقات والقواعد المنظمة للعلاقات الدبلوماسية بين الدول.
ثالثا-موقف الحكومة العراقية:
لم يصدر من الحكومة العراقية- المسؤولة رسمياً ودستوريا عن الحفاظ على سيادة الدولة أرضاً وشعبا- أي موقف رسمي صريح حول هذا الإجراء الأمريكي، وهذا تترتب عليه أمور عدة، كما يخضع لافتراضات عدة، لعل من بينها:
- تنازل الحكومة عن السيادة، وهذا مخالف للدستور وللبرنامج الذي تشكلت بموجبه، كما أنه ينهي وجود العراق كدولة مستقلة ذات سيادة.
- خروج العراق من الاتفاقيات المنظمة للعمل الدبلوماسي. وهو ما لم يعلن عنه بشكل رسمي، وغير مقبول منطقيا.
- توصل كل من الولايات المتحدة والعراق إلى اتفاقية مشتركة بينهما قائمة على مبدأ التعامل بالمثل. وهذا الافتراض غير مقبول أيضا، باحتساب أنه لم يعلن عنه رسميا في أي من البلدين.
- علم الحكومة العراقية المسبق بالأجراء الأمريكي رسميا. وهنا كان يفترض أن تعلن الحكومة العراقية رسميا عن ذلك، كما أن عليها تحذير المواطنين الساكنين قرب مبنى السفارة، أو المارين في محيطها، وأن تتخذ الإجراءات اللازمة لحماية مواطنيها قبل أن تتخذ السفارة إجراءاتها في حماية مبناها.
- في بلد غير مستقر في العراق، قد يشكل ذلك سابقة للسفارات والبعثات الدبلوماسية الأخرى في العراق على انتهاج سلوك مشابه للسلوك الأمريكي، مما يعرض سيادة البلد إلى المزيد من الانتهاك، أو يعرض الحكومة إلى الحرج في حال رفضها لذلك.
رابعا- الإجراءات المطلوبة:
- مطالبة الحكومة العراقية بمسؤولياتها، وتقديم مسوغ قانوني للإجراء الأميركي.
- التركيز أمام الرأي العام العراقي والعالمي على انتهاك الولايات المتحدة للسيادة العراقية بهذا الإجراء، وأن قبوله قد يشكل سابقة لغيرها من السفارات والبعثات الدبلوماسية، أو أن تستنسخ الولايات المتحدة التجربة في عاصمة أخرى.
- التركيز على أن السلاح الذي استخدمته الولايات المتحدة يعد خطرا على المدنيين، وأنه محرم استخدامه في المدن.
4 . إظهار أن الحكومة العراقية قد تهاونت في:
- حفظ السيادة العراقية وفقا للدستور.
- حماية أرواح العراقيين.
- سمعة المؤسسة العسكرية والأمنية العراقية، وقدرتها على توفير الأمن اللازم للبعثات الدبلوماسية في العراق.
5.حث المواطنين العراقيين المتضررين على تقديم دعاوى قضائية ضد السفارة الأمريكية، وتبني دعاواهم من جانب نقابة المحامين ومؤسسات المجتمع المدني الحقوقية الاخرى.