الرصد
تصويت حاسم على الدعم الإنساني في سوريا
في التاسع عشر من كانون الأول/ديسمبر، من المتوقع أن يصوّت “مجلس الأمن الدولي” على تجديد “القرار رقم 2449” الذي يجيز إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى السوريين من دون إذن من نظام الأسد. وستحدد النتيجة ما إذا كان يُسمح للنظام بالموافقة على والتحكم التام بالجهات التي تتلقى مساعدات الأمم المتحدة وبالمناطق المخولة استلامها. وإذا لم يتم تجديد القرار، فسوف يصبح إيصال المساعدات أداة أخرى لتغيير مسار الحرب لصالح الرئيس بشار الأسد، مع تداعيات وخيمة على المدنيين الذين يعيشون في مناطق لا تخضع لسيطرة النظام. ويعكس النقاش القائم مؤخراً حول قرار مجلس الأمن تطورات أوسع نطاقاً داخل سوريا. فقد أعلنت روسيا بالتنسيق مع الصين أن دفة الاتجاهات الحالية في ساحة المعركة تميل لصالح النظام، في محاولة لاستخدام النقاش حول المساعدات كوسيلة لفرض الاعتراف السياسي بالأسد. واقترح آخرون إضافة معبر خامس على طول الحدود الشمالية في تل أبيض لتلبية الاحتياجات المتزايدة للمدنيين السوريين الذين حوصروا في العملية العسكرية التركية الأخيرة. واستذكر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس مدى أهمية الآلية للوصول إلى المحتاجين.
ضرورة التصدي للعرقلة الفاضحة
ينص القانون الدولي على أن يكون الدعم الإنساني حيادياً وقائماً على الاحتياجات وبدون عوائق. ومع ذلك، وفي الوقت نفسه، فإن الأمم المتحدة ملزمة قانوناً بالتعاون مع الحكومة في دمشق والحصول على إذن بالعمل داخل سوريا. وهكذا، تعمل وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية ذات الصلة من مكاتب في دمشق – وهو وضع يستلزم في كثير من الأحيان الانتظار إلى أن يمنح النظام تأشيرات دخول، وقبول وجود مراقبي النظام خلال التفاعلات الإنسانية، ومعاناة الحرمان المتكرر لطلبات توصيل المساعدات. وفي الواقع، تمّ استغلال مسألة المساعدات الإنسانية طيلة فترة الحرب الطويلة كوسيلة لإرغام المجتمعات [المحلية] على الخضوع لحكم الأسد من أجل الحصول على المساعدات. كما استقطب النظام الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية من خلال إرغامها على العمل داخل هياكله الإدارية والمطالبة بمراقبة أنشطتها من قبل أجهزته الأمنية. وبدعم من حليفها الروسي، مارست دمشق ضغوطاً على وكالات الأمم المتحدة، وقيّدت قدرتها على الوصول إلى مناطق معينة، وطالبتها بالشراكة مع منظمات النظام مثل “الهلال الأحمر العربي السوري” – كل ذلك نحو الهدف الأوسع المتمثل في حجب الدعم الإنساني وعرقلته وتحويله لصالح النظام.
وفي هذا السياق، سعى “مجلس الأمن الدولي” إلى إيجاد آلية بديلة للمساعدة من خلال تمرير “القرار 2165” في عام 2014. وإذ إنه سبق “القرار رقم 2449″، فقد حدد إطار العمل الذي يسمح للأمم المتحدة بتخطي الأسد جزئياً وتقديم بعض المساعدة للمدنيين في سوريا مباشرةً، بالاعتماد على أربعة معابر حدودية في العراق والأردن وتركيا. ومنذ ذلك الحين، ظل النظام يهدد باستمرار بحظر عبور أي مساعدات عبر الحدود، إلى الحد الذي تدارس فيه مكتب الأمم المتحدة المسؤول عن عمليات التسليم هذه مؤخراً التفكير في جعل كافة عملياته في دمشق مركزية. وعلى الرغم من أن الأمم المتحدة تخلت في النهاية عن هذا الاقتراح وسط احتجاجات دولية، إلا أنه يجب على الدول الأعضاء ألّا تنسى العواقب العملية الوخيمة التي تتكشف كلما تم إعطاء دمشق المزيد من المشاركة في قرارات تقديم المساعدات.
على سبيل المثال، بعد تحرير الرقة من قبضة تنظيم «داعش» في تشرين الأول/أكتوبر 2017، أصبح المعبر العراقي المسار الأسرع لإرسال المساعدات إلى المدنيين السوريين. لكن الأسد وروسيا مارسا الضغوط على الحكومة العراقية لإلغاء هذا الخيار، ولم يعد بإمكان وكالات الأمم المتحدة الوصول إلى الرقة إلّا من داخل سوريا. ثم منع النظام الوكالات من زيارة المدينة لتقييم احتياجاتها الإنسانية حتى نيسان/أبريل 2018، أي بعد ستة أشهر كاملة من تحريرها.
المصدر : معهد واشنطن