تحليلات واراءسلايدر
مدى مشروعية قرار عدم إجراء انتخابات عراقيي الخارج
حسين الحاج حمد
متخصص في القانون الدستوري
أصدر مجلس المفوضين قراره المرقم (1 في 23/3/2021) المتضمن عدم إجراء انتخابات عراقيي الخارج في انتخابات مجلس النواب المبكرة المقرر إجراؤها في 10/10/2021 عازيا القرار لأسباب قانونية وصحية فضلا عن الاعتبارات العملية.
وبغض النظر عن وجاهة تلك الأسباب وحقيقتها فإن القرار قد خالف الدستور، وبالتحديد المواد (13،14،16،20،46) منه، التي تتعاضد فيما بينها حول كفالة حق الانتخاب لجميع العراقيين وبشكل متساوٍ من دون إخلال بذلك ولأي سبب كان.
حيث لم يرخص الدستور لأية جهة كانت – ولو كان المشرع – حرمان المواطنين من ممارسة حق الانتخاب، وإنما المسموح به في هذا الشأن هو تنظيم الحق، وإذا وصل الأمر إلى حد التقييد فقد اشترط الدستور لذلك شرطين مهمين هما:
1- أن يكون تقييد الحق أو تحديده بقانون أو بناءً عليه.
2- أن لا يمس التقييد أو التحديد جوهر حق الانتخاب.
وبالرجوع إلى قرار مجلس المفوضين نجده قد خالف هذين الشرطين وبشكل صارخ، حيث أنه لا يعد قانونا لعدم صدوره من السلطة التشريعية، ولم يستند إلى قانون يجيز له ذلك.
بل على العكس نراه جاء خلافا لأحكام قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (9) لسنة 2020 وبالتحديد المادة (39/رابعا) منه التي نظمت عملية تصويت عراقيي الخارج وفقا لدوائرهم الانتخابية، وهو اعتراف صريح من المشرع بمشاركتهم في الانتخابات من دون أن يلغيها – على أقل تقدير للانتخابات القادمة – وبذلك نجد القرار قد خالف القانون، ومن باب أولى أنه لا يستند إلى قانون.
أما الشرط الثاني فيتركز حول ضرورة أن يكون التقييد في حدود تسمح بممارسة الحق بما يحقق الهدف المنشود منه، من دون أن يمس جوهره ويجعله صوريا مفرغا من محتوى حقيقي يكون والحرمان سواء.
وعند العودة للقرار – محل المناقشة – فنجده قد ذهب أبعد مما منعه الدستور، حيث صرّح بإلغاء انتخابات عراقيي الخارج، ولازم ذلك هو حرمان بعض المواطنين من ممارسة حقهم باختيار ممثليهم في مجلس النواب، وهي مخالفة صريحة تجعل القرار محلا جديرا بالإلغاء.
والحل الذي كان يمكن اتباعه تلافيا لهذه المخالفات الدستورية التي وقع فيها قرار مجلس المفوضين أن يتم تشريع قانون وفق الإجراءات الدستورية، ينص على أن تجرى انتخابات عراقيي الخارج في مراكز اقتراع داخل العراق، ومن شاء منهم المشاركة في الانتخابات لزمه الحضور إلى الوطن والادلاء بصوته، إذا علمنا أن الانتخاب حق وفي الوقت نفسه واجب وطني.
وفضلا عن ذلك فإن هذا الخيار يتفق مع الدستور كونه جاء بأداة قانونية قادرة على ذلك، وهو لا يعدو أن يكون أمرا تنظيميا لحق الانتخاب، وليس كما ذهب إليه قرار مجلس المفوضين من سلب هذا الحق.