تحليلات واراءسلايدر

ازمة الشرعية في الحياة السياسية:

قراءة في معوقات الحكم الصالح في المنطقة العربية

د. نزار محمد جودة

كلية العلوم السياسية/ جامعة بغداد

  ان مفهوم الشرعية يتحدد معناه في التعبير عن حالة الرضا والقبول الطوعي التي يبديها المجتمع تجاه السلطة السياسية لتمكين القابضين على الحكم من ممارسة السلطة شكلا ومضموناً لرصانة القرار الساسي المنتج والفاعل الذي يحدد مدى قوة وفاعلية التأثير والتواصل بين المجتمع والنظام السياسي في اطار تعاقد سياسي/ اجتماعي يحدد مساحات التوازن الوظيفي بين هرمية النظام السياسي والقاعدة الشعبية (مؤسسات المجتمع المدني)، والذي يتمظهر من خلال الاستجابة للحراك الديمقراطي في ضبط ايقاعات الديناميكية للتعددية السياسية من خلال المؤسسات الدستورية والقانونية لتلك الانظمة التي تجسد قدرة السلطة في تلبية حاجات ومصالح المجتمع وفق آليات التداول السلمي لإدارة السلطة، ووفق ما يسمى بالمدخلات ومخرجات النظام السياسي.

واذا ما كانت تلك المؤسسات متوفرة من الناحية القانونية للأنظمة الجمهورية، لاسيما في المنطقة العربية بشكل يوفر الغطاء السياسي (الدستوري)، مما يترتب عليه شرعية ادارة السلطة وفق الخيارات الديمقراطية ولوازمها، يطرح السؤال التالي: (لماذا لازالت المنطقة العربية على المستوى السياسي تعاني من ازمة الاستقرار على مستوى الداخل والخارج؟ وسيادة الصراعات والازمات البنيوية، لاسيما فيما يتعلق بمصداقية الانظمة السياسية في ايجاد حلول جادة لأهم الاشكاليات التنموية ببعديها الكمي والنوعي وازمة الهوية/ اشكالية التعددية الدينية والفكرية، وهذا مايتمظهر في التجربة المصرية، ازمة الشرعية فيما يتعلق في ايجاد ملامح واضحة للمشاركة السياسية في ادارة الدولة وسيادة نظام الحزب الواحد/ النموذج السوري.

سيادة الفساد الاداري والسياسي المشرعن تحت غطاء ديني– سلطوي بإطار مذهبي طائفي اساس لغياب دولة المواطنة / نموذج دول مجلس التعاون الخليجي)؟

ووفقاً لما تقدم تتحدد اشكالية تلك الانظمة بالآتي: (هناك اختلالات بنائية مستدامة تؤكد انعدام شرعية الانظمة السياسية الحاكمة في المنطقة العربية مما أنتج انعدام استقرار تلك النظم، وانفراط عقد الوئام بينها وبين مجتمعاتها بالرغم من وجود هياكل دستورية- قانونية كان يمكن ان تحفظ مقداراً من الإستتباب الإجتماعي في ادارة الازمة المتمظهرة في النسق السياسي مابين البنة الاجتماعية والاقتصادية وتلك المؤسسات التي يفترض ان تلبي طموحات وحاجات تلك المجتمعات).

وفي ضوء ذلك تنطلق ورقتنا لتؤكد الفرضية التالية: (ان المنطقة العربية- انظمة الحكم– تعاني من ازمة شرعية ناشئة نتيجة لملابسات واشكاليات اقترنت بتكوينها على المستوى السياسي في اطارها التاريخي، فضلاً عن العامل الخارجي الذي كان له الدور الفاعل في ايجاد تلك السلطات وصناعتها واضفاء الشرعية عليها لضمان مصالحها الاستراتيجية في منطقة الشرق الاوسط).

وبناءً على ذلك، يمكن القول وبشكل مؤكد ان ازمة الشرعية للنظم الحاكمة لازالت تعيش الطور البدائي– الانتقالي للشرعية من خلال سيادة النزعة القبلية ذات الطور البدوي الذي اكده ابن خلدون في شرح نظريته حول الدولة، او مازالت بعض النظم العربية ترتكز على النزعة الكارزماتية من خلال استغلال فترة الاستعمار واعتماد الية التعبئة الحماسية في محاربة الإمبريالية وهذا الطور من الشرعية قد ساد في بدايت خمسينات الى منتصف ستينات القرن العشرين (نموذج التجربة الناصرية في مصر- التجربة العراقية عبد الكريم قاسم)، وهذا مااستمر في العراق لاسيما ابان الفترة الانتقالية للعراق.

وهذا يستدعينا الى التأكيد بأن النظم السياسية في العالم الثالث، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط، تعاني من غياب شرعية الانجاز في ادارة النظام السياسي مما يستتبع الاحتكار الفئوي لممارسة السلطة الحاكمة لا السلطة الخادمة، وتلك الثقافة لها جذور ومنطلقات في ثنايا الثقافة الابوية لمفهوم السلطة السياسية في مرتكزات العقل السياسي العربي المعاصر الذي لايزال اسيراً لتلك الذاكرة التاريخية التي رسخت بأن السلطة السياسية هي امتياز قائم على الغلبة والقهر بالسيف وليست ثقافة مساهمة قائمة على اساس الشراكة المسؤولة واعتبارها امانة وان الحاكم مستأمن على مصالح الشعب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق