ابحاث ودراساتسلايدر
الدولة واللادولة في العراق – الجزء21
تجديد عقود الهاتف النقال في العراق بين قرارات القضاء ومقتضيات مصلحة المواطن المغيبة
الدكتور مصدق عادل
كلية القانون- جامعة بغداد
مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية
سبق وأنْ أقام المدعي النائب (محمد شياع السوداني) بتاريخ 10/8/2020 الدعوى أمام محكمة بداءة الكرخ طالباً الحكم بعدم تجديد تراخيص الهاتف النقال لشركات زين اثير واسياسيل و كورك، وعدم منحهم مدة تعويضية بعد انتهاء المدة المحددة في عقد التراخيص، فضلاً عن طلب إصدار أمر ولائي بإيقاف إجراءات التجديد لحين حسم الدعوى.
وبناء على الطلب المقدم من قبل وكيل المدعي المؤرخ في 24/8/2020 قامت المحكمة بإصدار قرارها الولائي في الدعوى المرقمة 1198/ب/2020 في 25/8/2020 المتضمن إيقاف إجراءات تمديد وتجديد رخصة عمل شركات الهاتف النقال في العراق لحين حسم الدعوى.
ونتيجة ذلك قام المدعى عليهم في الدعوى بالإضافة إلى رئيس مجلس الوزراء/إضافة لوظيفته[1] بتقديم طعن في القرار أمام محكمة استئناف الكرخ بصفتها التمييزية، التي أصدرت قرارها بتصديق القرار المميز ورد الطعون التمييزية[2].
وبعد عقد محكمة بداءة الكرخ العديد من المرافعات الحضورية في الدعوى المتعلقة بموضوع تجديد عقود الهاتف النقال أصدرت قرارها في الدعوى المرقمة 1198/ب/2020 في 15/11/2020 الذي تضمن إبطال قرار مجلس الأمناء المرقم (23) في 6/7/2020 المتضمن تجديد وتمديد عقد التراخيص شركات الهاتف النقال، والإشعار إلى رئيس مجلس الوزراء بإلغاء القرار المرقم 50/2020 في 7/7/2020.
ولقد استند القرار أعلاه إلى العديد من الأسس القانونية التي نجملها بالآتي:
1- عدم قانونية الإجراءات السابقة لإصدار قرار مجلس الأمناء المؤرخ في 6/7/2020 من حيث عدم اكتمال نصاب تلك الجلسة، إذ لم يحضر سوى (4) أعضاء فقط من أعضاء مجلس المفوضين (مجلس الأمناء)، فضلاً عن عدم صحة عضوية اثنين من أعضائه نتيجة سفرهم خارج العراق[3]، مما أدى إلى بطلان القرار وانعدام أثره تطبيقا ًلقاعدة (ما بني على باطل فهو باطل).
2- المخالفات الصريحة لنصوص عقد الترخيص في منح مدد تعويضية غير محددة في العقد، كتعويض للمرخص له (شركات الهاتف النقال) دون وجود سند قانوني لذلك.
3- ضاءلة مبلغ التجديد وتقسيطه دون فوائد مما الحق الضرر بالمال العام[4].
وعلى الرغم من رجاحة الأسس القانونية التي تم الاستناد إليها في قرار محكمة البداءة غير أنَّ السيد رئيس مجلس الوزراء/ إضافة لوظيفته، وكذلك شركات الهاتف النقال قد قدموا طعناً استئنافياً في القرار أعلاه، ونتيجة التدقيقات أصدرت محكمة استئناف الكرخ الاتحادية/ الهيأة الاستئنافية الثانية قرارها المرقم 880/882/844/886/س/2020 في 23/12/2020 الذي تضمن تأييد الحكم الصادر من محكمة بداءة الكرخ ورد الطعون الاستئنافية وتحميل المستأنفين رسم الطعن.
وهو الأمر الذي يمكن معه القول بأنه في الوقت الذي أيدت فيه محكمة الاستئناف الحكم الصادر من محكمة بداءة الكرخ، غير أنها بالمقابل اجازت تجديد رخصة شركات الهاتف النقال استناداً إلى قرار مجلس الأمناء المتخذ في الجلسة رقم (13) في 24/11/2020، مما يعني أنَّ محكمة الاستئناف مسكت العصا من المنتصف.
ولقد استندت محكمة الاستئناف على العديد من الأسس القانونية التي يمكن اجمالها بالآتي:
1- إنَّ قرار مجلس الأمناء المتخذ في الجلسة رقم (13) فص 24/11/2020 بتمديد عقد الترخيص لشركات الهاتف النقال لمدة (5) سنوات قد صدر استناداً للصلاحيات المخولة لمجلس الأمناء بموجب القسم (3) من الأمر رقم (65) لسنة 2004، وتمت معالجة المخالفات الواردة في قرار مجلس الأمناء الصادر في 6/7/2020. أي: إنَّ المحكمة أقرت (مبدأ التحول في القرارات الإدارية).
2- إنَّ قرار مجلس الأمناء جاء منسجماً مع متطلبات الجهات الرقابية والمعايير على المستوى العالمي بما يحقق المصلحة العامة ويضمن حقوق المواطنين.
3- إنَّ قرار مجلس الأمناء يلزم الشركات المرخصة بدفع كافة المستحقات والديون المالية المترتبة عليها قبل توقيع العقد على أنْ لا تتجاوز الفترة التي حددها قانون تمويل العجز المالي الذي أقره مجلس النواب.
4- كما ألزم المجلس شركات الاتصال بإطلاق خدمة الجيل الرابع بتاريخ 1/1/2021.
5- إنَّ التصويب للإجراءات السابقة لقرار مجلس الأمناء يعطي الحق لرئيس الجهاز التنفيذي لهياة الإعلام والاتصالات بتوقيع العقد مع شركات الهاتف النقال.
ومن امعان النظر في قرار محكمة الاستئناف المذكور أعلاه نجد أنه خالف الدستور والقوانين النافذة، فضلاً عن عدم استناده إلى أسس قانونية سليمة، وذلك من النواحي الآتية:
1- لم يتحقق قرار المحكمة من تاريخ انتهاء عقود تراخيص الهاتف النقال وهو 30/8/2020، كما لم يحدد القرار الفوائد الواجب تسديدها من قبل شركات الهاتف النقال لهياة الاعلام والاتصالات البالغة (5%) من قيمة الديون المستحقة للدولة وفقاً للمادة (171) من القانون المدني، مما أضر بالمال العام.
2- كما لم يبين لنا القرار ما هي المصلحة العامة التي يشير حيثيات وأسباب قرار المحكمة إلى تحقيقها، فهل يقصد بذلك ارتفاع أسعار خدمات الاتصالات وخدمة الانترنيت المقدمة للمواطنين بأسعار مغالى فيها وتختلف عن مثيلاتها في الدول المجاورة؟ ام يقصد بالمصلحة العامة – وفق قرار المحكمة – تحقيق مجموع مصالح الافراد المشتركين، رغم أنَّ واقع الحال يشير إلى قيام شركات الهاتف النقال بتقديم اسوء خدمة للاتصالات نتيجة الانقطاع المتكرر، وغياب التغطية في العديد من المناطق؟ ناهيك عن التلوث الاشعائي المؤين الذي يلحق الضرر والأمراض بالمواطنين دون أنْ يتم تثبيت ذلك بصورة واضحة ودقيقة، فضلاً عن التأخر العمدي في تسديد مبالغ الأقساط المدينة بها للدولة العراقية رغم الأزمة المالية الخانقة التي يمر بها العراق، مما يجعل الشركات متلكئة في تنفيذ التزاماتها.
3- لم يلتزم قرار المحكمة بمعايير ابرام العقود وتجديدها المنصوص عليها في قانون العقود العامة الصادر بأمر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة رقم (87) لسنة 2004 (القسم 4 منه) (المنافسة الكاملة والعلنية) الذي ينص (تحال العقود العامة وفقاً لأقصى مديات الاسس الممكنة للمنافسة. وقبل المنافسة على احالة العقود العامة , على سلطة التعاقد المنوط بها الصلاحية المذكورة في القسم 3 من هذا الامر , أنْ تقرر تحريرياً سعر احالة العقد لتكون عادلة ومعقولة استناداً الى الحقائق والظروف العامة)، كما لم يتم الالتزام بالشروط المعيارية للعقود المنصوص عليها في القسم (3) من قانون العقود العامة.
4- لم يبين لنا قرار المحكمة السند الدستوري والقانوني الذي يجيز لمجلس الأمناء في هياة الإعلام والاتصالات التذرع به لغرض إلغاء القرار السابق مجلس الأمناء في 6/7/2020 والتسهيل لشركات الهاتف النقال التحايل على قرار محكمة البداءة السابق من اجل تسهيل الغائه وتغيير موضوع الدعوى ومحلها ليصبح مخاصمة القرار الجديد لمجلس الأمناء.
أي: إنَّ محكمة الاستئناف قد عدلت موضوع الدعوى ومحل الطعن من قرار مجلس الأمناء الصادر في 6/7/2020 إلى قرار مجلس الأمناء الصادر في 24/11/2020، خلافاً للقواعد العامة في قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969، ومن ثم كان الأجدر بالمحكمة أنْ تحكم برد الدفوع التمييزية من تلقاء نفسها، وذلك لقيام المستأنفين بتعديل موضوع الدعوى من تلقاء أنفسهم ووفقاً لأحكام المادة (80) من قانون المرافعات المدنية.
5- خالفت محكمة الاستئناف السلطات القانونية الممنوحة لها وفق المادة (209) من قانون المرافعات المدنية التي لم تجز إحداث دفع جديد ولا إيراد أدلة جديدة أمام المحكمة المختصة بالنظر في الطعن، كونها محكمة إجراء التدقيقات التمييزية، وهو الأمر الذي يوجب نقض قرار المحكمة.
6- لم يستند قرار المحكمة على أسس دستورية سليمة، إذ لم يلتزم بالمحافظة على الاستقلال المالي والاداري لهيئة الإعلام والاتصالات التي تعد من الهيئات المستقلة وفق البند (أولاً) من المادة (103) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005، كما ترتبط هذه الهيئة بمجلس النواب وفق البند (ثانياً) من هذه المادة.
7- مخالفة قرار المحكمة لأحكام المادة (61/خامساً/ب) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 فيما يتعلق باستكمال الإجراءات الدستورية لتعيين رئيس وأعضاء مجلس الامناء، إذ لم تتأكد المحكمة ولم تستوثق من عدم دستورية وعدم قانونية تعيين رئيس وأعضاء مجلس الأمناء، وذلك لصدور الأمر الديواني بتعيين المومأ إليهم من قبل مدير مكتب رئيس الوزراء[5]، فضلاً عن عدم قيام مجلس النواب بالمصادقة على تعيينهم، كونهم بدرجة وكيل وزارة.
وبهذا الصدد يلاحظ أنه في الوقت الذي أكدت فيه الهيئة العامة لمحكمة التمييز الاتحادية في قراراتها السابقة ومنها القرار المرقم (4/5/الهيئة العامة/2020) الصادر في 16/3/2020 على التشكيل القانوني السليم لعضوية المحكمة الاتحادية العليا من اجل القول بصحة القرار الصادر من هذه المحكمة، فإنه بالمقابل لم تراعِ محكمة استئناف الكرخ هذه القاعدة (التشكيل القانوني الصحيح) من أجل القول بعدم قانونية قرار التجديد الصادر من مجلس الأمناء، وهو الأمر الذي يدلل على اتباع منهجين متناقضين في حجية القرارات الصادرة من المحاكم أو السلطات العامة، وبالنظر لاستقرار قضاء محكمة التمييز الاتحادية على مبدأ أساسي لم يتم مراعاته من قبل محكمة استئناف الكرخ، وهو أنَّ استيفاء إجراءات التشكيل القانوني للهياة يبطل القرار كونه بني على باطل، وهو الأمر الذي يتوجب معه قيام محكمة التمييز بنقض قرار محكمة الاستئناف.
8- لم يستند قرار المحكمة على أسس قانونية سليمة، إذ خالف إجراءات التعيين المنصوص عليها في أمر سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) رقم (65) لسنة 2004 (قانون هيئة الإعلام والاتصالات)، إذ ينص القسم (4) منه على انه (هـ- … أما رؤساء المجلس واعضائه اللاحقين فيتم تعيينهم أو إعادة تعيينهم من قبل رئيس الوزراء لفترات مدتها اربع سنوات، ويخضع هذا التعيين لإقراره بواسطة اغلبية اصوات اعضاء الهيئة الوطنية المخولة بسلطة التشريع).
9- رغم أنَّ قرار محكمة الاستئناف قد استند إلى الشق الأول من القسم (3) من الأمر رقم (65) لسنة 2004، غير أنه لم يستند إلى الشق الثاني من البند (1) من القسم (3) أعلاه الذي ينص (وتلتزم هذه المفوضية في تأدية واجباتها بمبادئ الموضوعية والشفافية، وعدم التمييز، ومراعاة التناسب وقواعد الإجراءات القانونية المتبعة)، إذ لا يجوز للمحكمة أنْ تستند في قرارها إلى عبارات عامة وغامضة وغير محددة وهي (أنَّ قرار مجلس الأمناء قد جاء منسجماً مع متطلبات الجهات الرقابية والمعايير على المستوى العالمي)، ولا يوجد لها أساس قانوني أو قضائي لهذه العبارات المطاطة، إذ إنَّ الدستور أقر ارتباط هياة الإعلام والاتصالات بمجلس النواب، ولم يصار إلى الوقوف على راي اللجنة النيابية الرقابية ذات العلاقة (لجنة الاتصالات والإعلام)، كما لا يوجد سند للمعايير على المستوى العالمي، فلم يتم اعتناق مبدأ المنافسة والشفافية في إبرام عقود الهاتف النقال في العراق.
10- لم يتثبت لنا اطلاع المحكمة على قرار مجلس الأمناء رقم (23) الصادر في 24/11/2020 رغم أنه جاء تطبيقاً حرفياً وكاملاً لقرار مجلس الوزراء رقم (50) في 7/7/2020 ورغم إقرار المحكمة ببطلان هذا القرار، مما يجعل المحكم قد استندت الى دليل سبق للمحكمة أنْ قامت ببطلان الأساس القانوني السابق الذي تم الاستناد إليه، مما يجعل القرار متناقضاً في مبناه ومتهالكاً في محتواه.
11- مخالفة قرار المحكمة حرمة المال العام المنصوص عليها في المادة (27) من الدستور العراقي، إذ أقر قانونية الزام شركات الهاتف النقال بدفع الديون المترتبة عليها على أنْ لا تتجاوز المدة التي حددها قانون تمويل العجز لسنة 2020، وبالرجوع إلى المادة (9/ثانياً) من هذا القانون فإنه ينص (ثانياً: على هياة الإعلام والاتصالات الزام شركات الهاتف النقال بتسديد ما عليها من مبالغ وغرامات والتزامات مالية وتسجل إيراداً للدولة وخلال (30) يوماً من تاريخ إقرار هذا القانون)، وحيث أنَّ المادة (12) من هذا القانون قد نصت على نفاذه من تاريخ اقراره والتصويت عليه في 12/11/2020، واستمرار نفاذه لغاية 31/12/2020 لذا يكون قرار محكمة الاستئناف قد خالف القانون صراحة، وصدر بصورة مخالفة له، وكان يتوجب على المحكمة أنْ لا تقوم بتعديل نصوص القانون والتحايل عليه، كون القانون قد حدد المدة القصوى لتسديد هذه المبالغ في 11/12/2020، في حين أنَّ قرار المحكمة قد صدر بتاريخ 24/12/2020.
أي: بعد (12) يوماً من انتهاء المدة القانونية المحددة للتسديد، ولم تقم المحكمة بمطالبة الشركات بما يثبت تسديد هذه المبالغ، مما يجعل قرارها غير قانوني، وذلك لاستناده الى أسس غير قانونية تتعلق بتسويف تسديد المبالغ المترتبة بذمة شركات الهاتف النقال.
وما يؤيد قولنا هذا أنَّ المحكمة قد قامت بتمديد عقد شركات الهاتف النقال فضلاً عن السماح لهذه الشركات بإطلاق خدمة الجيل الرابع في 1/1/2021 دون أنْ تراعي المدة القانونية الواجب تسديد المبالغ والديون خلالها وهي 11/12/2020 وليس 1/1/2021.
12- خالف قرار المحكمة مبدأ (العقد شريعة المتعاقدين)، إذ لا يوجد نص صريح في بنود العقد المبرم بين الطرفين يجيز تجديد العقد، وهو الأمر الذي يجعل المحكمة قد خالفت قواعد تفسير العقد، ومنها المادة (155) من القانون المدني التي تنص على ان (1- العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للالفاظ والمباني). كما خالفت المحكمة المادة (779) من القانون المدني، إذ إنَّ مدة الايجار قد انتهت بانتهاء المدة المحددة في العقد في 30/8/2020.
13- خالفت المحكمة المادة (167) من القانون المدني التي لم تجز فرض شروط تعسفية، إذ تضمن تجديد العقد شروط تعسفية ضد هياة الاعلام والاتصالات وضد الشعب العراقي بعدم مراعاة تغير الظروف الاقتصادية ورفع سعر تجديد الرخصة رغم الأرباح الهائلة المتحققة لشركات الهاتف النقال.
14- أقر قرار محكمة الاستئناف تحول موضوع العقد وتكملته من قبل المحكمة ذاتها خلافاً لنص المادة (140) من القانون المدني رقم (40) لسنة 1951، إذ إنَّ للتحول شروط يتوجب مراعاتها، وهو الأمر الذي لم تراعيه المحكمة مما يوجب نقض قرارها.
15- لم تتأكد المحكمة من عدم قانونية قيام مجلس الأمناء بإصدار القرار الثاني في 23/11/2020، كونه قد صدر بعد انتهاء مدة العقد الأصلي، الذي ينتهي بتاريخ 30/8/2020، فلا يمكن تطبيق قاعدة الاجازة اللاحقة بحكم الوكالة السابقة في هذا الفرض من اجل القول بشرعية القرار الثاني لمجلس الأمناء.
16- كررت المحكمة نفس العبارات غير القانونية التي استخدمها الأمر الديواني رقم (82) في 25/6/2020 باستعمال تسمية (الأمناء) محل تسمية (المفوضين) الواردة في الأمر رقم (65) لسنة 2004، وهو الأمر الذي لم تقم المحكمة بالوقوف عليه أو التدقيق به.
17- لم تفرق المحكمة بين الخدمات المنصوص عليها بموجب العقد المبرم بين الطرفين وبين الخدمة المستحدثة والخارجة عن موضوع العقد وهي (خدمة الجيل الرابع)، التي تعتبر رخصة جديدة ويتوجب عرضها في مناقضة جديدة، كونها توفر إيرادات مالية جديدة للدولة العراقية، وهو الأمر الذي يشكل انتهاكاً لحرمة المال العام، وذلك بالاستناد إلى عدم قيام المحكمة بالتحقق من مسالة منح الرخصة المذكورة بصورة مجانية دون مقابل من شركات الهاتف النقال رغم عدم وجود علاقة بين خدمة (الجيل الرابع) مع تجديد العقد السابق.
18- جاء في البيان الصادر من مجلس القضاء أنَّ القرار الثاني المتخذ في الجلسة رقم (13) في 24/11/2020 لم يكن محل نزاع أو اعتراض من أي جهة، لذا فإنَّ محكة الاستئناف بينت أنَّ القرار الثاني بالإمكان تنفيذه طالما تجاوز الإشكاليات القانونية التي استوجبت ابطال القرار الأول، وهذه مسالة تنفيذية تعاقدية تخص مجلس الأمناء، وهو الأمر الذي يمكن معه القول أنَّ محكمة الاستئناف قد غيرت من موضوع الدعوى دون أنَّ تمنح الطرف الثاني حق الطعن، كما أنَّ المحكمة وسعت من سلطتها لتشمل اموراً خارجة عن اختصاص المحكمة.
19- لم تراعِ المحكمة القاعدة العامة المنصوص عليها في القانون المدني العراقي التي تقضي بأنَّ سعى في نقض ما تم على يديه فسعيه مردود عليه.
20- لم تقم محكمة الاستئناف بالتحقق من الغبن الفاحش الذي لحق هياة الاعلام والاتصالات باعتبار أنَّ رخصة الاتصالات هي مال عام، وكان الأجدر على المحكمة بدل أنْ تقرر تجديد العقد بالسعر السابق عام 2007، أنْ تراعي المصلحة العامة، وترفض التجديد إلا بعد زيادة بدل منح الرخصة وفقا ًللظروف الاقتصادية السائدة بعد ارتفاع سعر الدولار من جهة، أو تقوم بالتأكد من فرض نسبة (10%) من البدل السابق كإضافة على بدل الايجار السابق وبالقياس على قانون بيع وايجار أموال الدولة رقم (21) لسنة 2013.
21- لم تقم محكمة الاستئناف بالتحقق من محل الالتزام وتعيينه تعييناً نافياً للجهالة الفاحشة وفقاً للمادة (128) من القانون المدني، وهو الامر الذي يوجب بطلان التجديد وبطلان قرار المحكمة.
وبالنظر لعدم دستورية وقانونية قرار محكمة استئناف الكرخ في العديد من الأوجه والطعون المذكورة أعلاه، وبالنظر لقيام هياة الاعلام والاتصالات بالاستمرار في قرارها السابق المتعلق بتجديد رخصة عمل شركات الهاتف النقال دون زيادة حقيقية في بدل الايجار على الرغم من مرور مدة طويلة على تحديد بدل الايجار لذا فإننا نقترح الآتي:
أ- ندعو رئيس مجلس الوزراء ورئيس المجلس التنفيذي لهيأة الاعلام والاتصالات إلى عرض قرار مجلس الأمناء رقم (23) الصادر في 24/11/2020 على انظار الشعب العراقي تحقيقاً للشفافية والنزاهة.
ب- نطالب رئيس مجلس القضاء الأعلى ومحكمة التمييز الاتحادية بنقض القرار الصادر من محكمة استئناف الكرخ، وذلك لعدم دستوريته وعدم استناده الى أسس قانونية سليمة، وبالأخص فيما يتعلق بعدم مراعاة التشكيل القانوني لمجلس المفوضين (مجلس الأمناء)، فضلاً عن ضعف التسبيب القانوني باعتبار قرار الحكم عنواناً للحقيقة، مما يجعل معه قرار المحكمة باطلاً ومنعدماً وبدلالة المواد (13/ثانياً) و(103) و(61/خامساً) من الدستور.
ت- نطالب رئيس وأعضاء مجلس النواب في ظل ارتباط هياة الاعلام والاتصال بمجلس النواب وفق المادة (103/ثانياً) من الدستور إلى تقديم استجواب الى رئيس الجهاز التنفيذي للهياة ورئيس وأعضاء مجلس الأمناء وفقاً لأحكام المادة (61/ثامناً/ه) من الدستور[6]، وذلك للإضرار العمدي بالمال العام وانتهاك حرمته المحمية وفق المادة (27) من الدستور، والإبقاء على مبلغ العقد السابق دون زيادته على الرغم من تغير الظروف الاقتصادية منذ عام 2007 وهي سنة تحديد بدلات الايجار، ناهيك عن عدم اتباع الإجراءات القانونية المتعلقة بالشفافية وطرح الرخصة للتنافس مع الشركات الأخرى، وكذلك عدم فرض الفوائد القانونية البالغة (5%) من المبالغ المدينة بها شركات الهاتف النقال نتيجة التأخير في تسديد هذه مبالغ الأقساط.
ث- ندعو رئاسة الادعاء العام الى تحريك الدعوى الجزائية ضد رئيس وأعضاء مجلس الأمناء في هياة الاعلام والاتصالات وذلك للإضرار العمدي بالمال العام وفق المادة (340) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969[7].
ج- ندعو رئاسات كل من (لجنة الاتصالات والاعلام) و(لجنة النزاهة) و(لجنة الخدمات والاعمار) الى تشكيل لجنة تحقيق نيابية مشتركة تتولى التحقيق في موضوع تجديد عقود شركات الهاتف النقال دون اتباع الإجراءات القانونية السليمة، فضلاً عن الوقوف على أسباب عدم تنفيذ قانون تمويل العجز الذي يلزم هذه الشركات بالدفع في موعد أقصاه 12/11/2020 وفق المادة (9/ثانياً) من القانون، وتقديم تقريرها خلال شهر من تاريخ تشكيلها.
ح- نطالب الراي العام وجميع أبناء الشعب العراقي والإعلاميين إلى الدفاع على حقوقه وثرواته العامة ومنها ثروة الاتصالات التي لا تقل أهمية عن الثروة النفطية، والوقوف بوجه كل من تسول له نفسه التلاعب بثروات الشعب ومقدراته.
الهوامش:
[1] – تجدر الإشارة بهذا الصدد إلى أنه على الرغم من عدم اختصاص مجلس الوزراء بالتدخل في قرارات هياة الاعلام والاتصالات، غير ان الواقع العملي يشير الى قيام رئيس وأعضاء مجلس الوزراء بالمصادقة على قرار تجديد عقود شركات الهاتف النقال وذلك بموجب القرار رقم (50) في 7/7/2020، وهو الامر الذي ينتهك المادتين (103) من الدستور، كما ينتهك المادة (80) من الدستور التي عددت اختصاصات مجلس الوزراء وليس من بينها المصادقة على قرارات مجلس المفوضين في هياة الاعلام والاتصالات، ناهيك عن مخالفة رئيس وأعضاء مجلس الوزراء احكام المادتين (50) و(79) من الدستور التي الزمتهم برعاية مصالح الشعب.
[2] – ينظر قرار محكمة استئناف بغداد الكرخ الاتحادية بصفتها التمييزية – الهيئة المدنية في الدعوى المرقمة 161/162/163/164/حقوقية/2020 الصادر في 11/10/2020
[3] – تجدر الإشارة إلى انه حضر جلسة يوم 6/7/2020 اربعة أعضاء فقط بينهم رئيس مجلس الامناء (بسام سالم حسن) وذلك لاتخاذ قرار يتعلّق بتجديد عقود تراخيص الهاتف النّقال على ضوء مذّكرة لجنة التفاوض مع شركات الهاتف النّقال، وتم تحويل قرار مجلس المفوضين إلى رئيس الجهاز التنفيذي السيد علي الخويلدي بموجب الكتاب رقم 107 في 6 / 7 / 2020، والذي ارسله إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء/ الدائرة القانونية بموجب الكتاب المرّقم 36 في 6 / 7 / 2020 فضلاً عن ارسال نسخة منه إلى مكتب رئيس الوزراء في اليوم نفسه.
[4] – تنوعت الأسباب والحجج التي استندت اليها محكمة البداءة في قرارها، اذ تمثلت بـ أ- في عدم تحقق النصاب القانوني لانعقاد اجتماعات مجلس الأمناء، إذ ان القسم (4/1/ج) من الأمر التشريعي رقم (65) لسنة 2004 الخاص بهياة الإعلام والاتصالات اشترط حضور ووجود ما لا يقل عن (6) من أعضاء مجلس الأمناء، خلافاً للواقع العملي الذي يشير إلى حضور (4) أعضاء فقط في اجتماع المجلس المنعقد في 6/7/2020. ب- عدم قانونية التفويض بالتوقيع من قبل عضوي مجلس الأمناء غير الحاضرين لعدم وجود سند من القانون يجيز ذلك. ج- مخالفة القسم (4/1/ه) من الأمر التشريعي رقم (65) لسنة 2004 الذي ينص على عدم جواز امتداد مدة ولاية عضو مجلس الأمناء لاكثر من (4) سنوات، ويجوز تجديدها مرة واحدة، في حين ان العضوين غير الحاضرين قد انقضت (10) سنوات على مدة ولايتهم بحكم القانون، فضلاً عن صدور الأمر الديواني المرقم (33) في 7/9/2020 بانهاء عضويتهما، مما يجعل القرارات المتخذة بحضورهم معدومة وباطلة قانوناً، ومن ثم فلا يمكن الاستناد لقرار معدوم من مجلس الأمناء للقول بصته قانوناً كونه صدر من مجلس غير مكتمل التشكيل من الناحية القانونية. د- عدم قانونية اصدار مجلس الأمناء قرار لاحق تصويباً للقرار المطعون فيه بالعدد 37/ق/2020 في 22/9/2020، اذ لا يعدو القرار عن كونه توجيه لرئيس الجهاز التنفيذي بضرورة الالتزام بقرار المحكمة، كما ان هذا القرار لم يصوب أو يعدل فقرات القرار المطعون فيه المؤرخ في 6/7/2020. ه- مجهولية الديون المدينة بها شركات الهاتف النقال المشار اليها في قرار مجلس الأمناء والذي بموجبه صدر قرار مجلس الوزراء رقم (50) في 7/7/2020، فهي غير معروفة وغير محددة ومجهولة جهالة فاحشة، كما ان القول بدفع تلك الديون لم يعزز بمستندات استلام بموجب وصولات أو محاضر وانما مجرد ادعاء لم يعزز باي مستند. و- وجود غبن للمال العام في قرار مجلس الأمناء، حيث ورد فيه دفع مبلغ الدين غير المعروف بنسبة (50%) كدفعة أولى وتقسيط الـ(50%) المتبقية على خمس سنوات، وحيث ان الالتزام بأداء المبلغ لا يمكن تجزئته ودفعه على شكل أقساط دون فوائد كونها ديون مستحقة ويجب الوفاء بها، وان تأخر المدين بالتسديد يستوجب الزامه بالفوائد القانونية المشار اليها في المادة (171) من القانون المدني رقم (40) لسنة1951. ز- عدم وجود سند قانوني لتعويض شركات الهاتف النقال عن القوة القاهرة، لعدم تضمن العقد ذلك، اذ تنص المادة (26) من عقد الترخيص في حالة وجود قوة قاهرة فان للمرخص والمرخص له حق التفاوض لدفع الضرر الذي قد يصيب المرخص له، فضلاً عن ان المادة (146/2) من القانون المدني اناطت ذلك للمحكمة تقدير توافر الشروط القانونية. ح- وجود تناقض في تحديد مبلغ التجديد والتمديد سواء في قرار مجلس الأمناء وقرار مجلس الوزراء رقم 233 لسنة 2014، مما يتنافى مع القواعد العامة في ابرام العقود، كون عقود الخدمات العامة هي عقود اذعان وما ورد في قرار مجلس الأمناء الحق ضرراً بالمال العام وفوت على الدولة العراقية الفوائد المرجوة من ابرام عقد تجديد شركات الهاتف النقال حيث ورد في القرار المقترح ضاءلة مبلغ التحديد وعدم تحديد الديون المستحقة بشكل نافي للجهالة الفاحشة وتعليق تسديد الديون على شكل أقساط بدون فوائد وبدون ضمانات سداد لتلك المبالغ، كما ان اصل العقود يجب ان لا تتضمن الجهالة الفاحشة لبنوده وان تكون فقراته منجزة وغير معلقة.
[5] – أصدر مكتب رئيس الوزراء الأمر الديواني رقم (82) في 25 / 6 / 2020 والذي تضمن إنهاء تكليف السادة أشرف عبد الكريم مراد الدهان / رئيس مجلس الأمناء، وكذلك عضوي مجلس الأمناء كل من (خليل عبد الرحمن الطيار) و(صفاء الدين حسين ربيع). ونقل السيد (بسام سالم حسن) من وزارة الاتصالات إلى هيئة الإعلام والاتصالات ويكلّف بمهام رئيس مجلس الأمناء، فضلاً عن تكليف السادة (محمد عبد السادة قحطان) و(عادل سلمان عليوي) كأعضاء في مجلس الأمناء.
[6] – تنص المادة (61/ثامناً) من الدستور العراقي على أنه (هـ- لمجلس النواب حق استجواب مسؤولي الهيئات المستقلة وفقاً للإجراءات المتعلقة بالوزراء، وله إعفاؤهم بالأغلبية المُطلقة).
[7] – تنص المادة (340) من قانون العقوبات (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس كل موظف أو مكلف بخدمة عامة احدث عمداً ضرراً بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل فيها أو يتصل بها بحكم وظيفته أو بأموال الأشخاص المعهود بها إليه).