متابعة: ضحى الخالدي
مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية
تحت هذا العنوان كتبت مساعدة وزير الخارجية للدبلوماسية العامة والشؤون العامة سابقًا لارا سونينشاين مقالًا نشره موقع “ذا هيل” الاميركي جاء فيه:
إن قرار وزير الخارجية مايك بومبيو الأسبوع الماضي بإنهاء خمسة برامج للتبادل الثقافي مع الصين هو دليل آخر على سبب حاجة أميركا إلى دبلوماسي عالمي جديد.
التبادل الثقافي الأمريكي والبرامج التعليمية مع الدول الأخرى ليست صحيحة أخلاقياً فقط، إنها تجلب الكثير من المال إلى بلدنا. ساهم الطلاب الأجانب العام 2019 بـ 44 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي وفقًا لوزارة التجارة الأميركية. القوة الناعمة هي أداة حاسمة في صندوق أدوات الأمن القومي.
إن معظم الإدارات المنتهية ولايتها تحاول بناء إرثها، لكن ماذا سيكون إرث بومبيو؟
من وجهة نظري، سوف يُنظر إلى بومبيو على أنه أحد الناجين من الحروب السياسية والثقافية الذي قاد تفريغ وزارة الخارجية الأميركية في الوقت الذي كان يتبنى فيه سياسات فاشلة على نطاق واسع.
سيكتب المؤرخون ذلك ثانية. ودافع بومبيو عن عملية أوكرانيا التي أدت إلى جلسات استماع بشأن ما إذا كان الرئيس الأميركي قد حرم حليفًا من المساعدة الأجنبية والعسكرية التي تشتد حاجته إليها من أجل البحث عن أوساخ منافس سياسي انتُخب بعد ذلك رئيساً. لقد ترك الدبلوماسيين الأميركيين من دون قائد مشجع كرئيس لهم. كما ترك حلفاء الولايات المتحدة في حيرة وخيبة أمل.
على كل من الجبهتين المحلية والدولية، سيُذكر بومبيو كقضيب صواعق. كان دائمًا على استعداد للخلط بين الكنيسة والدولة من خلال إلقاء الخطب على الجماعات الدينية، أو الظهور في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري من إسرائيل كما لو أن السياسة الخارجية هي دعامة للسياسيين، وليست أداة للأمن القومي. بدا وكأنه نسي أن الأمن القومي الأميركي ليس مثل السياسات الحزبية المحلية.
في الداخل، سيُنظر إلى بومبيو على أنه تهرب ببراعة من المفتشين العامين وأعضاء الكونغرس الذين يتطلعون إلى التحقيق في أنشطته بناءً على شكوى المبلغين عن المخالفات وتقرير وكالة الرقابة الداخلية في وزارة الخارجية للنظر في كيفية إساءة استخدام بومبيو لموظف متفرغ في وزارة الخارجية للقيام بمهام شخصية. قال أحد المساعدين إن الموظف كان يُحضر ملابس بومبيو من محل تنظيف الملابس بانتظام، ويحجز مطعمًا، ويأخذ كلب العائلة: شيرمان للمشي. وقال المساعد إن العديد من موظفي وزارة الخارجية شهدوا تجاوزات بومبيو. لكن القضية لم تكتسب زخمًا حقيقيًا.
في السياسة الخارجية، يمكن أن يفوز بومبيو بجائزة باعتباره صقرًا من بين الصقور. وكانت القضية هي إيران، والفكرة الفاشلة المتمثلة في انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق المتعدد الأطراف بشأن احتواء طموحات إيران النووية. وأيد تصاعد العقوبات وتنفيذ هجوم بطائرة من دون طيار أسفر عن مقتل جنرال إيراني مهم، وبذل محاولة فاشلة لتمديد حظر تصدير السلاح إلى إيران، وأدّت إلى تصويت مذل ضد القرار الأميركي في مجلس الأمن الدولي.
الإرث الأكبر لبومبيو هو إفراغه وزارة الخارجية من أصحاب الخبرة والمعنويات المتدنية التي يعيشها ما يقرب من 70 ألف موظف في الخارجية بأمريكا وحول العالم
لكن يبقى إرثه الأعظم هو تفريغ وزارة الخارجية، وانخفاض الروح المعنوية التي تؤثر على العديد من موظفي الخدمة العامة الذين يزيد عددهم عن 70 ألفًا، ويعملون في الوزارة هنا وحول العالم للحفاظ على أمن البلد وسلامته. يؤكد العديد من الدبلوماسيين أن بومبيو قد تسبب في ضرر طويل الأمد لفشله في شغل المناصب العليا، وضمان أن الدبلوماسيين المهنيين الموهوبين إما استقالوا، أو أُجبروا على الاستقالة.
يترك كبار وزراء الخارجية بصمة. يمكن للمرء أن يفكر في دين أتشسون والحرب الباردة، وهنري كيسنجر والصين، ومادلين أولبرايت ودول البلقان، ووزراء خارجية آخرون قاموا بأشياء جريئة لا تنسى. مرشح الرئيس المنتخب بايدن لوزيرة الخارجية أنتوني بلينكين، متروك لهذا المنصب. لكنها لن تكون سهلة. لقد ترك بومبيو فوضى كبيرة.